مُذنَّب أطلس، هل سيراهُ جميعُنا؟

Comet ATLAS
أخيرًا، وبعد عدّة سنواتٍ من الانتظار، سيكونُ لدينا قريبًا، أطلس! المذنَّبُ الساطعُ الذي سيمرُّ بالقرب من الأرض، وسيكونُ مرئيـًّا بالعين المجرَّدة. الزائر الأخير الذي فعل ذلك كان المذنَّبَ (46P / ورتانِن) الذي كان بالكاد مرئيـًّا في ديسمبر 2018م، في المناطق ذات معدلات التلوّث العالية. تتوقع النماذجُ الحالية أنّ المذنّب أطلس سيكون أكثرَ سطوعًا وسَهْلَ الاكتشاف في السماء، حتى لهُواة الفلك المبتدئين. بالطبع، يمكن لأيّ شخصٍ لديه تليسكوب مشاهدةُ سطوع وتغيُّرات شكل المذنّب أثناء اقترابه من الشمس. الكثير منّا الآن في المنزل، لذا فإنه سيكونُ الوقتَ المثاليَّ للتحديق في السماء بالمنظار أو التلسكوب، والاستمتاع بموعدك مع المذنّب.

,,

,,
تمّ اكتشافُ المذنّب الذي يُعرف رسمياً بـ(C/2019 Y4 ATLAS, ATLAS) في 28 ديسمبر 2019م، بواسطة نظام الفحص الآلي (Asteroid Terrestrial-impact Last Alert System)، الذي يكتشف الأجسام القريبة من الأرض. في الوقت الذي تمّ اكتشافُه فيه، كان المذنّب مثلَ نقطةٍ ضبابيّةٍ وباهتةٍ للغاية مع ذيلٍ صغيرٍ مشابهٍ للمذنّب الأسطوري الذي مرّ عام 1844م. يَفترِض علماءُ الفلك أنّ المذنّب أطلس ربما قد يكون جزءًا من نفسِ الجسم الأمّ.
في العام الماضي، اكتشف العلماءُ 94 مذنّـبًا جديدًا، مما يجعلك تتساءل: لماذا تحديداً هذا المذنّب مثيرٌ للاهتمام؟ في الحقيقة، نحن إلى حد اللحظة لسنا متأكدين إذا كان هذا المذنّب مميزًا أم لا؛ ذلك لأنّ المذنباتِ مثلُ القِطط – صعبةُ التّوقُّع – لكنّ النماذجَ الحاليةَ تُظهر بأنّ المذنّبَ يمكن أنْ يصل إلى مقدارٍ ظاهريٍّ (درجة السطوع) ما بين 0 و 2 في نهاية شهر مايو هذا العام، وهذا يعني أنّه سيكون مرئـيًّا حتى من المدن.
,,

,,
إذا كنتَ محظوظًا وتملك تلسكوبًا، فستكون قادرًا على رصدِ ذيلِ المذنَّب ورؤيتهِ يتغيَّرُ خلالَ الأسابيع القادمة. بدأ بعضُ علماء الفلك فعليًّا في متابعة المذنّب، بما في ذلك الهواةُ المبتدئون في شبكة (Unistellar). بمجرّد حصولهم على إحداثيّات المذنّب، سيتمكّن أعضاءُ الشبكة الذين يملكون معداتِ التصويرِ المتطورةَ (eVscopes) من استخدام هذه الإمكانيات المحسّنة لأجهزتهم، لرؤية اللون الأخضر للمذنّب كذلك ذُؤابَـتِه* وذيلِه، اللذيْنِ يتكوّنان من جُزيئاتِ الغبار المنبعث من النواة.

,,

 

,,
لسوء الحظّ، نحن لا نعلم كيف سيتطوّر المذنّب. تُصبح المذنَّبات التي تقتربُ من شمسنا لأوّل مرّةٍ نشيطةً جدًّا، ويمكنها الاحتفاظ بهذا النشاط لوقتٍ معيَّنٍ، أو تفقدُه فجأةً. تخدعنا تلك المذنّباتُ المتوهّجةُ، وتاريخُ الفلكِ الحديثُ مليءٌ بخيبات أملٍ كبيرةٍ، أحدُها والأكثرُ شهرةً كان المذنّبَ (كوهوتِك) الذي روّجت له وسائل الإعلام في عام 1973م بأنه مذنّب القرن بينما وصلت درجة سطوعه إلى -3 فقط. نعتقد اليوم أنّ نشاطَ المذنّب سريع التفاعل المبكِّر كان مرتبطًا بحقيقة أنها كانت أولَ زيارةٍ له إلى داخلِ النظام الشمسيِّ وتفتّتتْ نواتُه جزئيـًّا عندما اقترب من الشمس.
يبدو أنّ علماء الفلك الذين يناقشون حالة المذنّب أطلس متفقون على أنه لا يمكن التنبؤ بنشاط المذنّب، فشكلُه الحالي غيرُ معتادٍ، ويبدو أنه يزدادُ سطوعًا كلّ يومٍ بسبب نموِّ ذُؤابَتِه.
,,
,,
اعْتُقدَ أنه من العظيم أنّ المذنَبات لا زالت تفاجئُنا، بسبب أنها تأتي من مكانٍ بعيدٍ، وتطوُّرُهم وتركيباتُهم معقدةٌ للغاية، كذلك سلوكُهم غيرُ المتوقَّع عند الاقتراب من الشمس، فهي مثل القطط، أشياءُ جميلةٌ وغامضةٌ.
في هذه الأثناء، دَعُونا نقوم بما في وُسعنا لرصدِ المذنّب أطلس من منازلنا، فبِمُراقَبتِه بإمكانك جمعُ البياناتِ للعلماء الذين تم إغلاقُ مراصدِهم العملاقةِ بسبب فيروس كورونا. من خلالِ الرّصد من حديقة منزلك، يمكنك أيضًا الاستمتاعُ بجمال وسلوك المذنّب أطلس غيرِ المنتَظِم، وتَذكَّرْ أنَّ هذا الجسمَ تَكوَّن على مشارفِ نظامنا الشمسيِّ، وسيعود لزيارتنا مرةً أخرى كلّ 6025 سنةً. مَنْ سيكونُ على الأرض في الزيارة القادمة؟ هذا أيضا أمرٌ لا يُمكننا التنبُّؤُ به.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذُؤَابَة: هي الغشاءُ الضَّبابيّ المحيط بنواة المذنّب.

===============================================================

ترجمة: Atiyah Alhasadi

تعديل: جوهر علي

تمصيم: Amjed khrwat

مراجعة لغوية: محمد السنوسي عامر

 

المصدر:
https://www.seti.org/comet-atlas-comet-all-us

Facebook
Twitter
LinkedIn