التوأم المختلف للمادة، المادة المضادة Antimatter

قالب جمعية رؤية لهواة مادة مضادة

عند تفاعل واحد جرام منها مع المادة تنتج طاقة تعادل تلك الناتجة عن قنبلة هيروشيما، نقيض المادة الذي حير وجوده العلماء، المادة المضادة Anti-matter!

المادة المضادة ( ولعل المصطلح مألوف لمن قرأ رواية ملائكة وشياطين لدان براون) ببساطة هي كالمادة العادية ولكن بشحنة معاكسة، على سبيل المثال الإلكترون شحنته سالبة صحيح؟ الإلكترون المضاد شحنته موجبة
البروتون شحنته موجبة صحيح؟ البروتون المضاد شحنته سالبة .. وعندما يرتبط البروتون والالكترون المضادان معا فانهما يكونان الهيدروجين المضاد..وهكذا دواليك.

جاء اكتشاف المادة المضادة قبل بضعة عقود وهذا بديهي لاننا لا نواجه المادة المضادة في حياتنا، فالكون بمجراته ونجومه وأنا وأنت مكونون من المادة العادية وليس المادة المضادة؛ ولكن عن طريق البنية الرائعة لرياضيات الفيزيائي بول ديرك سنة 1928 وتجارب كارل أندرسون سنة 1932 تم التأكيد على وجود المادة المضادة، وبكميات جداً قليلة في الطبيعة، وحصل الاثنين على جائزة نوبل في الفيزياء لقاء ذلك سنة 1933.

كذلك عن طريق مصادمات الجسيمات، عرفنا أن المادة المضادة قد لعبت دوراً كبيراً في بداية الكون، وتمكنا من صنع عينات منها.

في الواقع المادة المضادة هي أغلى مادة في العالم، حيث أن تصنيع مليغرام واحد منها يكلف مئة مليون دولار!

لكن الأمر الخطير عن المادة المضادة والسبب في ندرة تواجدها في الطبيعة هو أنها والمادة (مايتحابوش) ولا يمكن أن يتواجدا معاً، وهذا لأنه بمجرد تفاعلهما معا فانهما يبيدان بعضهما كليا الى طاقة صرفة هائلة حسب معادلة اينشتاين E=mc^2.

فلنقم ببعض الرياضيات:
لو ان جرام واحد من المادة( ملعقة مثلا) اصطدمت مع (ملعقة اخرى من المادة المضادة وزنها واحد جرام أيضا)

بالتعويض في المعادلة فان الطاقة الناتجة تساوي:

E=(0.001+0.001)kg * (3*10^8m/s)^2= 180000000000000 joul = 1.8*10^14 joule

وهو ما يعادل 50000 ميجا وات في الساعة.. وهي طاقة كافية لتشغيل خمسين الف مصباح كهربائي لمدة سنة كاملة!

حسنا يكفي من الأرقام الان، ولنرجع للفيزياء..
في الواقع التصادم بين المادة ونقيضها قد حصل في بداية الكون، فقد نشبت حرب شرسة بين الاثنين، وكان من المفترض أن التوازن بينهما سيؤدي الى ابادتهما باستمرار ولن يتكون أي شيء اطلاقاً!
ولكن لسبب يجهله العلماء مالت الكفة للمادة على المادة المضادة وانتصرت الأولى في الحرب بفارق بسيط جدا (تقديريا جسيم واحد اضافي للمادة في كل مليار) ولكنه كاف ليكون كل ما تراه!

هذا الأمر حصل في المراحل الأولى من تطور الكون، فعبر الرصد والرياضيات المتقدمة وأعظم الة بنتها البشرية (مصادم الهادرونات الكبير) توصل العلماء لحقيقة المادة المضادة وحقيقة فنائها في مراحل الاولة للكون، الان ربما تتسائل ماذا لو انتصرت المادة المضادة بدل المادة في تلك الحرب القديمة؟ كيف من الممكن أن يكون الكون؟
لو حصل ذلك ربما لن يختلف الكون نهائيا عما هو اليوم
في الحقيقة، لكنا مصنوعين من “المادة المضادة” ولأسميناها “المادة” 😀
ولجلس العشاق المضادون على شواطئ مضادة ونظروا للنجوم المضادة وهم غارقون في حبهم المضاد ولبدى كل شيء مماثلا تماما!

تبقى ماهية تكون المادة المضادة وسبب عدم التوازن الذي حصل بينها وبين المادة، لغزاً حتى اليوم! ولكن الذي نعرفه الان أنها فعلا موجودة في الكون وقد صنعت منها كمية جد ضئيلة لبضعة ثواني في المعامل لانها تفنى فور تكونها … فما هو مستقبل المادة المضادة؟ هذا سؤال لمقال اخر..
__________________
نشر هذا المقال بالتعاون مع النادي الليبي للعلوم
كتابة: Amjed Khrwat

#رؤية#فيزياء#علم

Facebook
Twitter
LinkedIn