توقع “كارل ساغان ” المتوفى في العام 1996 – وهو أحد أشهر الفلكيين في العالم – قبل مدة طويلة وجود مايقارب العشرة الاف حضارة أخرى منتشرة في مجرتنا، و بعد مايقارب الستون عاما من البحث عن تلك الحضارات من دون جدوى، اقتنع العديد من العلماء أن الحياة على الكرة الأرضية حياة فريدة من نوعها و فرص تكراراها في مكان أخر بنفس المواصفات تبدو مستحيلة .
الأن هل حقا نحن و حيدون بهذا الكون؟
الأرض هي كوكب صخري مثالي، تقع في مجموعة شمسية معتدلة، و تأويها مجرة حلزوونية شائعة الوجود في الكون. بالتالي ان كل الاحداث و العناصر التي اجتمعت مع بعضها لبناء عالمنا يمكن ان توجد في أي ركن في مجرتنا تقريبا، و إن ما ينص عليه قانون إحتمالات النشوء بأن وجود مئات المليارات من النجوم في مجرة واحدة يلزم وجود نوع من أنواع الحياة المتطورة في مكان ما منها.
إذا، لما لم نجد تلك الحضارات المتطورة بعد؟
إن سبب ذلك يرجع لعدد من الأسباب. فمثلا إن البحث عن إشارة لاسلكية لمجرة تبعد عنا مئة ألف سنة ضوئية و تحمل بين ثناياها اكثر من أربع مئة مليار نجم و كوكب، تجعل البحث عن إبرة في كومة قش هائلة يبدو أسهل من البحث عن تلك الإشارة . فتخيل معنا تحليل بيانات تلك الإشارات الاسلكية كل على حدى و لمدة لا تقل عن اسبوع، و الانتقال للإشارة التي تلبها، آملا أن تضع يداك على الإشارة الصحيحة. و مما يصعب الأمر أيضا هو تكلفة المرقاب اللاسلكي الباهظة جدا مما يقنن من عمليات البحث و التنقيح لتلك الإشارات.
سبب آخر لعدم اكتشافنا لتلك الحضارات الفضائية هو ما يطلق عليه ” متناقضة فيرمي” والتي لا تنكر وجود حياة متطورة أخرى في مجرتنا، لكنها تدعي أن بسبب كبر عمر أغلب نجوم مجرتنا مقارتة بالشمس، فإن مجموعتنا الشمسية حديثة نسبيا، وبالتالي فإن وجود أي حياة أخرى في مجرتنا لابد أن تكون متطورة عنا ملايين السنين، فمن الممكن جدا وجودهم بقربنا لكن بسبب تطورهم على مستوى التقنية مثلا، يصعب علينا تحديد موقعهم بالضبط أو رؤيتهم كنوع من انواع الحياة. إن تلك الحضارات المتطورة لن يستطيع العقل البشري استعابها، فهي ستكون بمثابة السحر له. و يفترض البعض أن نظام تواصلهم معنا متطور و حساس جدا، لدرجة اعتقادهم ان نقرات حذاء على الأرض مثلا أو صوت قرع على الباب هو إشارة تواصل منا لهم ! .
إن مجرتنا درب التبانة هائلة جدا، فحتى لعند وصول سرعة مركباتنا الفضائية لعشرين ضعف سرعة طلقة نارية، فإن وصولنا لأقرب نجم يبعد عنا أربع سنين ضوئية يحتاج لخمس و سبعون ألف سنة من السفر !
سبب ثالث لعدم نجاحنا في استقبال علامات عن وجود تلك الحضارات هو احتمالية ازدحام مجرتنا بهذه الحياة المتطورة، بهذا السيناريو، ما الذي سيدفع تلك الحضارات للإهتمام بنا و التواصل معنا؟ فمن الممكن وجود الكثير من الوجهات الأكثر تشويقا من الأرض، أو اهتمامهم بالبحث عن حضارة اكثر تطورا منهم، فربما نحن سكان الأرض بالنسبة لهم لا نتعدى حفرة من النمل المملة لا أكثر، أو مكان نائي عديم الجدوى “بمقاييسهم”.
و على النقيض من ذلك، يعتقد العالم المشهور “ستيفن هاوكينج” أن الحياة خارج الأرض موجودة وشائعة لكنها ليستبمستوى كبير من التطور و لا تظاهي تطور البشر على الأرض لهذا لا تصلنا منهم أي اشارات لاسلكية.
و يقوم العلماء الآن بإرسال رسائل لاسلكية في جميع أرجاء الكون في أمل بأن تلتقطها تلك الحضارات المتطورة، لكن ” هوكينج” يعتقد أن هذا أمر خاطئ و ربما كارثي، فهو يعتقد أن تلك الرسائل التي نرسلها ربما تستقطب و تشد انتباه احدى الحضارات المتطورة البغيضة و التي ستعمل على تدمير الأرض و إرجاعنا للعصر الحجري، مثل ما فعل كريستوفور كولومبس مع الهنود الحمر في أميركا الشمالية. هاوكينج يعتقد أن نزعة البقاء الشرسة موجودة أيضا لدى تلك الحضارات المتطورة فدائما البقاء هو للأقوى.
أين يتركنا كل هذا ؟
إذا قمنا بمقارنة عمر الأرض البالغ أربع مليار سنة و نصف بساعة حائطية، فإن البشر لا يظهرون على سطح الأرض إلا قبل منتصف الليل بدقيقة تقريبا، و هذا يجعل مجموع عمليات بحثنا عن حضارات و حياة متطورة خارج الأرض حوالي عشرون إلى ثلاثون ثانية فقط! إن وجودنا حالياً في الكون هو مثل عود ثقاب مشتعل يضيئ لوحده ظلام دامس على الأرض كلها.
المصدر :- http://www.universetoday.com/130227/why-havent-we-found-any-aliens-yet/#
ترجمة :-