اكتشاف أقرب نجم يُرجح أنه يدور حول ثقب أسود

17522853_10211403659583365_7144264366901904005_n

عثر الفلكيون على نجم يدور حول ثقب أسود بمعدل مرتين كل ساعة، الأمر الذي يجعل حركته المدارية هي اﻷضيق على اﻹطلاق ولم يسبق مشاهدتها من قبل.

تم هذا الاكتشاف بواسطة مرصد تشاندرا للأشعة السينية (chandra x-ray observatory ) ومرصد نوستار (NUSTAR)  – تلسكوب الطيف النووي – التابعان لناسا ؛ باﻹضافة إلى مصفوفة تلسكوب أستراليا المدمج (ACTA) التابعة لهيئة البحوث اﻷسترالية (CSIRO).

تقع النجوم الثنائية ضمن عنقود نجمي كروي يعرف ب  Tucanae 47 وهو عبارة عن عنقود مكدس من النجوم في مجرتنا درب التبانة ويبعد عن اﻷرض حوالي 14.800 سنة ضوئية.

وقد لاحظ الفلكيون وجود هذه النجوم الثنائية منذ عدة سنوات، إلا أن العام 2015 شهد حدث كشف اﻹرصادات الراديوية بواسطة ATCA عن احتمالية احتواء النجوم الثنائية على ثقب أسود يعمل على انتزاع مادة من النجم القريب منه والذى يدعى نجم القزم اﻷبيض White dwarf ، وهو نجم له حجم صغير يستنفد أغلب بل جميع وقوده النووي.

حيث كشفت مشاهدات مرصد تشاندرا الحديثة لهذا النظام الثنائي النجمي والمعروف ب X9 تغيرا في سطوع اﻷشعة السينية بنفس الطريقة كل 28 دقيقة، وهي قد تكون المدة التي يستغرقها النجم القريب من الثقب اﻷسود ليدور دورة متكاملة حوله.

ويظهر مرصد تشاندرا أيضا دليلا على وجود كميات هائلة من اﻷكسجين في هذا النظام النجمي وهي تعتبر ميزة يمتاز بها نجم القزم الأبيض؛ ولهذا السبب نستطيع الجزم حول هوية النجم القريب من الثقب اﻷسود بأنه هو نفسه نجم القزم اﻷبيض والذي يبعد عن الثقب اﻷسود بمقدار 2.5 ضعف المسافة بين اﻷرض والقمر.

يقول السيد  Arash Baheamian – أحد الباحثين الرئيسين لجامعة ألبرتا في إدمنتون، كندا ،وجامعة ولاية ميشيغان في إيست لانسنغ: ” يقع نجم القزم اﻷبيض قريبا جدا من الثقب اﻷسود لدرجة تمكن هذا اﻷخير من انتزاع المادة المكدسة داخل النجم وجمعها في قرص مادي قبل انهياره. ويضيف Baharamian :” لحسن حظ هذا النجم أنه لن يذهب في طي النسيان ، بل سيبقى مستمرا في الدوران.”

فبالرغم من أن خطر الانهيار لا يهدد نجم القزم اﻷبيض ، إلا أن مصيره يبقى غامضا.

أما السيد Craig Henkie – وهو أيضا مشاركا في البحوث لجامعة ألبرتا فيقول : ” قد تنتزع الكثير من مادة القزم اﻷبيض لينتهي به اﻷمر كنجم بحجم كوكب ! ويضيف قائلاً : ” اذا استمر هذا النجم في خسارة حجمه فإنه قد يختفي بالكامل .”

والسؤال هنا: كيف جاء الثقب اﻷسود بمثل هذا النجم القريب؟

أول تعليل لهذا السؤال هو اصطدام الثقب اﻷسود بنجم أحمر عملاق. بعدها يطرد الغاز من الطبقات الخارجية لهذا الثنائي – أي النجم والثقب اﻷسود- ويتشكل اللب المتبقي من النجم العملاق ليصبح نجم القزم اﻷبيض؛ والذي بدوره يشكل ثنائيا مع الثقب اﻷسود.

بعد ذلك، يضيق المدار الكائن به هذا الثنائي بسبب إطلاق الموجات الثقالية حتى يبدأ الثقب اﻷسود في انتزاع المادة المتجمعة في نجم القزم اﻷبيض.

تمتلك تلك الموجات الثقالية المنتجة حاليا من هذا الثنائي ترددا منخفضا لا يمكن رصده بواسطة مرصد ليغو (LIGO) – اختصارا لمرصد الموجات الثقالية بالتداخل الليزري) والذي رصد مؤخرا الموجات الثقالية الناتجة عن دمج الثقوب السوداء، ولكن لعله ممكنا في المستقبل رصد مثل هذه الموجات الثقالية المتعلقة ب X9 بواسطة مراصد موجات ثقالية مختصة.

بتفسير آخر لهذه اﻹرصادات، فإن نجم القزم اﻷبيض يقترن بنجم نيتروني بدلا من الثقب اﻷسود. في هذه الحالة، يدور النجم النيتروني بسرعة فائقة وينتزع المادة من القزم اﻷبيض بواسطة قرص مادي؛ وهي تعتبر عملية تدفع النجم النيوتروني للدوران حول محوره آلاف المرات في الثانية الواحدة.

شوهد القليل من هذه النجوم والتي تعرف بالنجوم النابضة أو نجوم الميلي ثانية عند انتهاء عملية الدوران هذه.

إلا أن الباحثون لا يؤيدون هذا الاحتمال وذلك لكون النجوم النابضة لها خواص غير ملحوظة في النظام الثنائي ال نجميX9 مثل التغير الكبير في اﻷشعة السينية وطول الموجات الراديوية ولكنه يظل احتمالا موجودا ولا يستطيعوا رفضه.

من جهة أخرى يقول السيد Vlad Tudor – أحد المشاركين في البحوث لجامعة كيرتن والمركز الدولي لأبحاث علم الفلك الراديوي :  “سنشاهد هذا النظام الثنائي البعيد على نحو أقرب في المستقبل نظرا لمعرفتنا القليلة بالشكل الذي يجب أن يعمل به. ” ويضيف Tudor : ”  سنستمر أيضا في دراسة العناقيد الكروية في مجرتنا لنرى إذا كان هناك أدلة أكثر على وجود نظام الثقب اﻷسود الثنائي.”

تم مؤخرا قبول نشر ورقة بحث تشرح هذه النتائج في النشرة الشهرية للجمعية الملكية الفلكية وهي متوفرة على الإنترنت.

يدير مركز مارشال لبعثات الفضاء في هنتسفيل، ألاباما برنامج تشاندرا لإدارة المهام العلمية التابعة لناسا في واشنطن، بينما يراقب مرصد سميثسونيان في كامبردج في ماساتشوستس الرحلات الجوية والعلمية لتشاندرا.

 

ترجمة : مريومة علي

تصميم صورة : زهاء محمود

 

المصدر : https://www.nasa.gov/mission_pages/chandra/news/star-discovered-in-closest-known-orbit-around-likely-black-hole.html

Facebook
Twitter
LinkedIn